الشهيد القسامي/ بكر حمودة
عشق الرباط فنال وسام الشهادة مرابطاً
القسام ـ خاص:
هاهم أبناء الياسين وجيوش القسام الميامين، وهذا إقدامهم وجهادهم، هذه عبادتهم وحياتهم، يرحلون عنا بعدما يتقنوا عبادتهم بين يدي المولى عز وجل، فصدقوا الله فصدقهم الله.
قدمت مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة خلال انتفاضة الأقصى تسعة من شهدائها القساميين, وها هو شهيدنا وقائدنا بكر مصطفى حمودة يحوز على رقم عشرة من بين شهداء كتائب القسام في بيت لاهيا، فقد استشهد بعد تسعة من القساميين المجاهدين الذين فاضت دماؤهم أرض بيت لاهيا وهم يرتدون زيهم العسكري، ويمتشقون سلاحهم، يدافعون عن الوطن في ميادين الجهاد والمقاومة.
ميلاده ونشأته ..
ولد شهيدنا القسامي بكر مصطفى حمودة في بلدة ' بيت لاهيا ' في 11/4/1985 ، لأسرة فلسطينية مجاهدة مكونة من عشرة أفراد, ترعرع شهيدنا وسط أسرته، فتميز بحسن اخلاقه ورفعتها، فتربى على الإسلام ونشأ الفضائل.
تلقى شهيدنا تعليمه الابتدائي بمدرسة ذكور بيت لاهيا الابتدائية، ومن ثم ليترفع للمرحلة الإعدادية ليدرس في مدرسة ذكور بيت لاهيا الإعدادية ' أ ' ، لينتقل للمرحلة الثانوية ليدرس في مدرستي أبو عبيدة بن الجراح وأحمد الشقيري في بلدة بيت لاهيا.
واصل شهيدنا دراسته الجامعية حيث درس بجامعة الأقصى في كلية الصحافة والإعلام لمدة عام ونصف ومن ثم ليوقف مسيرته بجامعة الأقصى ويلتحق بالجامعة الإسلامية لحبه لها ليدرس في كلية الشريعة, واستشهد وهو يدرس فيها.
صفاته ..
اتصف شهيدنا رحمة الله بالعديد من الصفات والميزات التي ميزته عن غيره ليصبح مثالاً للشاب المسلم الملتزم، فما أجمل سلوكه وخلقه الحميد، وما أندى تلاوته لكتاب الله، وعلاقته مع إخوانه وأهله وأصدقائه وعامة الناس علاقة طيبة ووثيقة.
كثير ممن عايش الشهيد بكر رحمه الله وله معه مواقف تكتب بماء الذهب تدلل على خلقه الرفيع وصفاته العالية وأدبه العظيم، وابتسامته لا تغيب عن وجهه، ومجالسته لشباب المساجد والتزامه بحلقات القرآن الكريم وتحفيظه وتعليم الأحكام لا تنقطع.
وأكثر ما يميز الشهيد رحمه الله السرية والكتمان في شئون عمله الدعوي والعسكري، ومداومته على صيام يومي الاثنين والخميس وخاصة في الصيف ، متمثلاً ومقتدياً بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام في الكثير من أمور حياته.
التزامه وعبادته ..
لما سمع حديث ' من أدرك تكبيرة الإحرام أربعين يوماً خلف الإمام كتب له برائتان، براءة من النفاق, وبراءة من النار ' فأصر ان يتحقق هذا الحديث، حتى تكتب له برائتان ويحدثنا أحد المقربين فيقول : ' أدرك شهيدنا بكر أول مرة 27 يوماً ، وبعدها ضاعت منه تكبيرة الإحرام، فحزن حزناً شديداً، وأصر أن يعيد التجربة مرة أخرى، فظل محافظاً على تكبيرة الاحرام في جميع الصلوات قرابة 70 يوماً دون أن تضيع منه أي تكبيرة، لدرجة أنه في يوم من الأيام أذن الفجر وهو نائم فاستيقظ قبيل الإقامة فانتفض مباشرة وتوضأ وأخذ يجرى حافياً الي المسجد حتى يدرك تكبيرة الاحرام ولسان حاله يقول ' وعجلت إليك ربي لترضى '.
قويت علاقة شهيدنا بالله عز وجل فأصبح محافظاً على قيام الليل، وكأنه فرض بالنسبة له كبقية الصلوات فقليل ما كان ينام عن قيام الليل، ولا يكون ذلك إلا اذا كان متعباً جداً من الرباط والجهاد في سبيل الله.
ويقول أحد المقربين من الشهيد : ' كان يصحو قبل صلاة الفجر بساعة فيتوضأ ويقف بين يدي الله عز وجل ويختم قيامه بالتضرع والاستغاثة والبكاء قبل الفجر ووقت السحر، ثم ينطلق قبل الأذان الي بيوت إخوانه يوقظهم لصلاة الفجر.
كتاب الله ..
كان شهيدنا القسامي بكر مولعاً بقراءة القرآن الكريم، ووهبه الله بصوت ندي شذي في تلاوة القرآن فيحدث أحد إخوانه يقول :' ذهبت إليه ذات مرة الساعة الواحدة والنصف ليلاً فوجدته يقرأ القرآن بصوته العذب، وعندما سألته ماذا تفعل، تَخفى ولم يصفح لي.
حصل رحمه الله على شهادة تأهيلية في التلاوة ثم الإجازة العليا، وصار يدَّرس تلاوة القرآن وأحكام التلاوة والتجويد لشباب المساجد ، ويحفظ الأشبال كتاب الله، ويذكر أن شهيدنا في آخر أيامه كان على وشك تخريج عشرين طالباً من طلابه في دورة تأهيلية لتلاوة القرآن.
جهاده ..
التحق مع إخوانه في صفوف الحركة الإسلامية ' حركة المقاومة الإسلامية حماس ' في شهر سبتمبر لعام 2003م ، حيث كان بكر من أنشط الشباب في التزامه بالمسجد, ومن ثم أصر شهيدنا أن يلحق بركب المجاهدين ضمن صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام فكان ذلك في شهر فبراير من العام 2004م .
كان بكر حريصاً أن يكون جهاده خالصاً لوجه الله تعالى، وقد شارك في مهمات جسام والتي كان آخرها مشاركته في عملية إيلي سيناي التي نفذها الاستشهاديان القساميان مصعب جمعة وحسام غبن في معركة أيام الغضب القسامية وقتل فيها ثلاثة صهاينة، ومع ذلك لم يعلم أحد بهذا العمل إلا بعد استشهاده.
إقدامه ..
وكذلك لا ننسى إقدامه البطولي في صد آخر اجتياح للشمال في ايام الغضب القسامية البطولية حيث وقف بجانب أخيه الشهيد ورفيق دربه فارس المصري في الصفوف الأولى بالقرب من العدو الصهيوني، وإطلاق صواريخ القسام والبتار.
ويحدثنا أحد المقربين من الشهيد قائلاً : ' لقد اجتاز بكر دورتين عسكريتين كان آخرها قبل استشهاده بأيام، واختتمت بتفوق بكر فيها حيث حصل على ترتيب الأول وتخرج منها بدرجة الامتياز.
عشق شهيدنا رحمه الله الرباط في سبيل الله كثيراً, فكان يخرج للرباط بشكل متواصل دون كلل أو ملل, حتى لقي الله شهيداً مرابطاً في 27/5/2005م ، بعد أن انفجر جسم مشبوه فيه أثناء رباطه بالقرب من مغتصبة "إيلي سيناي" شمال بلدة بيت لاهيا.
رحمك الله يا شهيدنا بكر وجمعك بإخوانه الذين سبقوك في عليين